سورة الأعراف - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)}
{أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} لما ألقاها صارت ثعباناً عظيماً على قدر الحبل وقيل: إنه طال حتى جاوز الفيل {تَلْقَفُ} أي تبتلع {مَا يَأْفِكُونَ} أي ما صوروا من إفكهم وكذبهم، وروي: أن الثعبان أكل ملء الوادي من حبالهم وعصيهم ومدّ موسى يده إليه فصار عصا كما كان، فعلم السحرة أن ذلك ليس من السحر، وليس في قدرة البشر، فآمنوا بالله وبموسى عليه السلام.


{لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)}
{لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ} الآية: وعيد من فرعون للسحرة، وليس في القرآن أنه أنفذ ذلك، لكن روى أنه أنفذه عن ابن عباس وغيره، وقد ذكر معنى من خلاف في العقود [المائدة: 36] {قالوا إِنَّآ إلى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} أي لا نبالي بالموت لانقلابنا إلى ربنا {وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا} أي ما تعيب منا إلا إيماننا {لِيُفْسِدُواْ فِي الأرض} أي يخربوا ملك فرعون وقومه ويخالفوا دينه {وَيَذَرَكَ} معطوف على ليفسدوا، أو منصوب بإضمار أن بعد الواو {وَآلِهَتَكَ} قيل: إن فرعون كان قد جعل للناس أصناماً يعبدونها، وجعل نفسه الإله الأكبر فلذلك قال: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى} [النازعات: 24]، فآلهتك على هذا هي تلك الأصنام، وقرأ علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وآلهتك: أي عبادتك والتذلل لك {إِنَّ الأرض للَّهِ} تعليل للصبر ولذا أمرهم به يعني أرض الدنيا هنا وفي قوله: {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرض} وقيل: يعني أرض فرعون، فأشار لهم موسى أولاً بالنصر في قوله: {إِنَّ الأرض للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ}، ثم صرح في قوله: {عسى رَبُّكُمْ} الآية {فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} حض على الاستقامة والطاعة. بالسنين: أي الجدب والقحط.


{فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131) وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)}
{فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الحسنة} الآية: إذ جاءهم الخصب والرخاء قالوا: هذه لنا وبسعدنا، ونحن مستحقون له وإذ جاءهم الجدب والشدة تطيروا بموسى: أي قالوا هذه بشؤمه، فإن قيل: لم قال إذا جاءتهم الحسنة بإذا وتعريف الحسنة وإن تصبهم سيئة بإن وتنكير السيئة؟
فالجواب: أن وقوع الحسنة كثير، والسيئة وقوعها نادر فعرف الكثير الوقوع باللام التي للعهد، وذكره بإذا لأنها تقتضي التحقيق وذكر السيئة بإن لأنها تقتضي الشك ونكرها للتعليل {ألا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ الله} أي إنما حظهم ونصيبهم الذي قدر لهم من الخير والشر عند الله، وهو مأخوذ من زجر الطير، ثم سمي به ما يصيب الإنسان. ومقصود الآية الرد عليهم فيما نسبوا إلى موسى من الشؤم. مهما هي ما الشرطية ضمت إليها ما الزائدة نحو أينما، ثم قلبت الألف هاء، وقيل: هي اسم بسيط غير مركب. والضمير في به يعود على مهما، وإنما قالوا: من آية على تسمية موسى لها آية، أو على وجه التهكم {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطوفان} روي أنه كان مطراً شديداً دائماً مع فيض النيل حتى هدم بيوتهم، وكادوا يهلكون وامتنعوا من الزراعة وقيل هو الطاعون {والجراد} هو المعروف أكل زروعهم وثمارهم حتى أكل ثيابهم وأبوابهم وسقف بيوتهم {والقمل} قيل هي صغار الجراد، وقيل: البراغيث، وقيل: السوس، وقرئ القمل بفتح القاف والتخفيف، فهي على القمل المعروف، وكانت تتعلق بلحومهم وشعورهم {والضفادع} هي المعروفة كثرت عندهم حتى امتلأت بها فرشهم وأوانيهم وإذا تكلم أحدهم وثبت الضفدع إلى فمه {والدم} صارت مياههم دماً فكان يستسقي من البئر القبطي والإسرائيلي في إناء واحد فيخرج ما يلي القبطي دماً، وما يلي الإسرائيلي ماء {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرجز} أي العذاب وهي الأشياء المتقدمة وكانوا مهما نزل بهم أمر منها عاهدوا موسى على أن يؤمنوا به إن كشفه عنهم، فلما كشفه عنهم نقضوا العهد وتمادوا على كفرهم {بِمَا عَهِدَ عِندَكَ} بدعائك إليه ووسائلك، والباء تحتمل أن تكون للقسم وجوابه لنؤمنن لك أو يتعلق بادع لنا أي توسل إليه بما عندك {فِي اليم} البحر الميت حيث وقع.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13